إن مما يعرف بالضرورة أن الزواج حاجة من الحاجات الإنسانية والتي يحتاجها الإنسان ويتوق إليها في كل المجتمعات وعلى مدى العصور..
إذ به تحصل مصالح الدنيا, وتتم الصالحات, ويحصل الارتباط والتعارف بين الناس.
وبسببه تحصل المودة والتراحم ويسكن الزوج إلى زوجته قال عزّ من قائل: (وَمِن آيَاته أَن خَلَقَ لَكُم مِن أَنفُسِكُم أَزوَاجًا لِتَسكُنُوا إِلَيهَا وَجَعَلَ بيَنكُم َمَوَّدةً وَرَحمَة ًإنَّ في ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَومٍ يَتَفَكَّرون) (سورة الروم).
وبالتزوج أيضا يحصل المندوب إليه وهو تكثير النسل وتعظيم الاتباع لسيد البشر عليه الصلاة والسلام حيث يقول: (تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم) (صحيح رواه أبو داود والنسائي).
كما أن التزوج أدعى لغض البصر, وإحصان المرء ,والحرص على العفة.
ثم إننا إذا نظرنا إلى الزواج من منظور اقتصادي فإنه يوفر على الدول والمجتمعات والحكومات ملايين الملايين من الأموال التي تصرفها الدول التي تعاني من الانحلال الأخلاقي والتفسخ الاجتماعي( مثل الولايات المتحدة و بريطانيا) أقول:
التي تصرفها على دور اللقطاء وبيوت التبني لأطفال غير شرعيين كما يسمونهم وهم النتيجة الطبيعية لعلاقة بين رجل وامرأة بدأت في الشارع وانتهت ولم يعرفا اسميهما بعد.
فهاهي الدور تغص بهم ,ولا يجدون من يبني لهم حياة طبيعية أو سوية مما يسبب اختلالاً في تركيبة هؤلاء الأطفال النفسية ويدفعهم إلى عالم الجريمة غالبًا والذي يكلف الدولة اقتصاديًا أيضًا الكثير الكثير..
كما أن هذه الدول تصرف الأكثر من ذلك على المستشفيات, ودور الحجر الصحي, والمختبرات التي مازالت تحاول أن توجد مصلاً مضادًا لكثير من الأمراض الجنسية التي وقفت_ رغم تفوقها وتقدمها في جميع المجالات_ عاجزةً أمامها أمثال مرض نقص المناعة (الإيدز)_ والذي يعتبر السبب الرابع للوفاة في العالم_ والزهري ( الهربز).
وغيرها من الأمراض التي تنتج عن تعدد الشركاء والعلاقات المثلية والتي تعتبر ممارسات شرعية ومقننة ومسموح بها في تلك الدول المتحررة.
ولكن برغم تقدم هذه الدول ونجاحها في أكثر المجالات إلا أنهم لم يعرفوا بعد_ أو تجاهلوا بالأصح_ حقيقة أن الزواج وحده هو الحل لهذه المشاكل مجتمعة وهو الذي يوفر عليهم هذه الأموال الطائلة والتي أرهقتهم سنينا طوالا..
كما أن في الزواج الغُنية أيضًا والاستغناء عن الأطباء النفسيين والذين أُرهقوا وأرهقوا بسبب هؤلاء الأشخاص غير الأسوياء والذين أضحى هاجسهم الانتحار, ومُنيتهم الموت, فهم ومع تعدد علاقاتهم وحريتهم الجنسية غير المشروطة لم يجدوا الحب ولم يهنئوا بالاستقرار حتى لقد عدوه ضربا من ضروب الخيال.
وبذلك يتضح أن المتزوج أحسن حالاً من الأعزب, وأهنأ بالاً, وأقرب للدعة والسكون وفي الحديث: (إذا تزوج العبد فقد استكمل نصف الدين فليتق الله في النصف الآخر) (رواه البيهقي).
وكلفة الزواج الاقتصادية لا تذكر في مقابل ما يتكلفه الفرد الذي يعيش الحرية المزعومة في الغرب فالمتحرر يدفع أمثال ذلك وأضعافه على بنات الهوى وشبكات الدعارة والهدايا التي تلزم ذلك في الروحة والغدوة خلا عن العناية الطبية التي سوف يحتاجها دوريًا وباستمرار نتيجة الحرية, والانفتاح في غير محله..
ولقد صرح الخطاب الديني وخاطب الذي يخاف النقص في ماله، وغير مفهوم المقدم على الزواج في عدد من المواضع كما في قوله تعالى: ( وَانكِحوا الأَيَامَى مِنكُم وَالصَّالحِينَ مِن عِبّادِكُم وَإِمَائِكُم إِن يَكُونُوا صَالِحيَن يُغْنِهُمُ اللهُ مِن َفضْلِهِ) (سورة النور).
وقال أبو بكر _ رضي الله عنه_: أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح ينجز لكم ما وعدكم من الغنى.
وفي الحديث: (ثلاثة حق على الله عونهم ..وذكر منهم: المتزوج يريد العفاف) (رواه أحمد والنسائي وابن ماجه).
وقد يتحجج الكثير اليوم بمشاكل اقتصادية كثيرة تعاني منها مجتمعاتنا, والتي قد تعيق الشباب عن الزواج والتعجيل فيه مثل غلاء المهور والمبالغة في تكاليف الزواج والإعداد له , وهذا بلا شك مشكلة عظيمة أضرت بالجنسين على حد سواء وألحقت بهم همومًا الله بها عليم.
ولا يخفى على ذي لب قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض) (أخرجه الترمذي).
ولسنا هنا بصدد سرد لكثير من الأحاديث طالما رددناها وحفظناها عن ظهر قلب في فضل يسيرة المئونة, ومن هي أعظم النساء بركة, وكم كانت مهور أشرف النساء وأكملهن.
نحن هنا بصدد التنفيذ والفعل, لا القول لنردد أننا يد واحدة في تقديم المعونة, والتواصي فيما بيننا أن نكون كلنا عونا ودافعا لبناء حيوات سعيدة ,ونظيفة.
ومشرفة بقدر ما هي مشرقة لأبنائنا الذين يتوقون لتلبية رغباتهم الفطرية والطبيعية, وتبادل مشاعر المودة والرحمة فيما بينهم تحت مؤسسة شرعية تكفل للجميع حقوقهم التي يسمى كل واحد فيها (إنــــســـان).
الكاتب: منيرة القرعاوي
المصدر: موقع آسية